الفيديو في اسفل الصفحة
![]() |
سما المصري |
نشرت الفنانة سما المصري مؤخرًا مقطع فيديو عبر منصة تيك توك أظهرها وهي منهارة بالبكاء وتعلن توبتها وارتداءها الحجاب بشكل نهائي. وقد أعادت سما نشر هذا الفيديو على حسابها فيسبوك، مخاطبة جمهورها بعبارات مؤثرة، منها: "استروا عليّ... أنا تعبانة ومش عارفة أعيش... ومش هأبّن شعري ولا جسمي تاني... ساعدوني... أنا هقفل كل حاجة، وهاكسب بالحلال". وأكدت في تعليقاتها على الفيديو أنها أغلقت حساباتها على إنستغرام وستغلق فيسبوك بعد هذا الفيديو، مضيفةً: "أنا في صراع نفسي مش قادرة أتحمله... يا رب توب عليا تعبت والله... اقبلها مني يا رب توبة نصوحة... وما أُقلّعش الحجاب تاني... لو بتحبوا النبي محدش ينشر حاجة ليا بجسمي ولا شعري تاني". هذه التصريحات صعّدت من حدة الجدل، خاصة أنها جاءت بعد فترة من النقد الحاد الذي واجهت به سما المصري محتواها السابق على السوشيال ميديا، قبل أن تُفرَج عنها أخيرًا بعد قضائها أحكامًا في عدة قضايا، من بينها "التعدي على القيم الأسرية".
خلفية عن سمعة سما المصري وتصريحاتها السابقة
سُبقت هذه الحادثة بسجل طويل من الإثارة الإعلامية حول سما المصري. فهي راقصة استعراضية مصرية اشتهرت بملابسها الجريئة وتصريحاتها المثيرة، وكانت محورًا للمناقشات منذ سنوات. في الواقع، ليست هذه أول مرة تعلن فيها سما المصري توبتها وارتداءها الحجاب ثم تتراجع عن ذلك لاحقًا. فقد نشرت في إبريل 2014 فيديوً أعلنت فيه توبتها وارتداء الحجاب، ولكنها سحبت الحجاب بعد ثلاثة أيام وأقرت بأن الأمر كان "كذبة إبريل" تهدف إلى استفزاز تيارات الإسلام السياسي. وبحسب تقارير إعلامية، ظهرت أيضًا في رمضان 2015 مرتدية الحجاب ومعلنة نيتها تقديم برنامج ديني، لكن هذا المشروع لم يرَ النور فيما بعد. كما أكدت في تصريحات سابقة أن الجمهور "لا يرحمها ولا يقبل توبتها"؛ لكنها سرعان ما تعود إلى نشاطها المعتاد مشددة أنها "حرة تفعل ما تشاء". يلاحظ النقاد أن سما المصري استخدمت التوبة والإعلان عنها عدة مرات في السابق، ما جعل بعض المتابعين يرون أن هذه التصريحات تتكرر بهدف جذب الاهتمام الإعلامي. ويشير تقرير "الصباح العربي" إلى أن ردود الأفعال بشأن توبتها الحالية تباينت: فبينما اعتبرها البعض محاولة مكشوفة للفت الأنظار وإعادة إثارة الجدل، رأى آخرون أن التوبة قرار شخصي بين الإنسان وربه ولا يحق للناس محاسبته على نواياه.
تفاصيل إعلان التوبة وارتداء الحجاب
يُظهر مقطع الفيديو الذي تناقلته وسائل الإعلام سما المصري وهي في حالة ذروة انفعال، حيث بكت بشدة وأعلنت أنها بلغت "مرحلة لا تحتمل" نفسياً. وطمأنت متابعيها بأنها أغلقت حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي كافة، مشيرة إلى أنها لن تظهر شعرها أو جسدها مجددًا. جاء في مقطع الفيديو: "أنا قفلت إنستغرام وهقفل الفيس بعد الفيديو دا... التيك توك مسحت من عليه كل حاجة.. أنا في صراع نفسي مش قادرة أتحمله". وأضافت: "يا رب توب عليا... توبتي توبة نصوحة لوجهك الكريم... وما أقلعش الحجاب تاني يا رب". ورددت سما المصري عدة مرات أنها لا تنوي التخلي عن الحجاب أبداً، مخاطبةً كل من يحبون الرسول صلى الله عليه وسلم: "لو بتحبوا النبي محدش ينشر حاجة ليّا بجسمي ولا شعري تاني... أنا لبست الحجاب عشان خاطر النبي". ولم تقتصر هذه التصريحات على تيك توك وفيسبوك فقط؛ فقد نشرت تقارير أيضًا أن سما المصري أعلنت اعتزالها نهائيًا، قائلة إنها "أغلقت حساباتها وقررت الابتعاد عن الأضواء". مثلاً، ذكر تقرير "العين الإخبارية" أن سما أكدت: "أنا مرهقة جدًا.. اتخذت قرارًا نهائيًا بارتداء الحجاب ولا أنوي التراجع عن هذا القرار". وقد لاقت هذه العبارات المؤثرة رواجا كبيرا بين رواد السوشيال ميديا، بينما راجت عبارات أخرى بلسان المتابعين مثل "الف مبروك توبتك يا سما الله يغفر لك".
رصد ردود الأفعال وردود الفعل الشعبية
أثار إعلان سما المصري تفاعلاً إعلامياً واسعاً، لا سيما على مواقع التواصل الاجتماعي. فبينما عبر بعض رواد الانترنت عن فرحتهم بدعائها بالهداية وتمنياتهم بتقبل توبتها، لم يخف آخرون تشككهم في صدقيتها. شدّدت بعض التعليقات على أن تكرار هذه التصريحات يجعلها تتحول إلى مادة للترند وشد الانتباه "كما المعتاد"، مؤكدين أن جمهورها بات متعباً من هذه التراجعات المتكررة. وفي المقابل، دعا معلقون إلى التريث والاحترام، مشيرين إلى أنه لا يجوز تحميل سما المصري حساب نواياها إن كانت صادقة، وأن الإسلام يشجع على التوبة بغض النظر عن من يكون الشخص. وكتب مثلاً أحد المدونين: "التوبة بين العبد وربه ولا يُجوز لأحد أن يحجر على صدق توبة الآخر". ويكاد جمهور مواقع التواصل ينقسم بين فرح بتغييرها المفاجئ، وبين سخرية لطول مسيرة الجدل حولها.
وعلى الصعيد المهني، أكدت سما المصري أنها اتخذت قرارها النهائي بالابتعاد عن "إثارة الخلاف"، بل وأعلنت التوقف عن نشر أي محتوى مثير. فهي تطلب صراحة في مقطع الفيديو عدم نشر أي صورها القديمة أو فيديوهاتها، وبكلمات حاسمة: "ما تذكرونيش بصوري القديمة أو أرجع لشيء ندمت عليه". وقد ربط كثيرون بين هذه الكلمات وخبر اعتزالها الفن والظهور، معتبرين أن سما تسعى لفت الانتباه مجددًا أو لتطييب خاطر جمهورها بعد القضبان.
تحليل ديني واجتماعي للجدل القائم
تعتبر التوبة النصوح في الفقه الإسلامي مرحلة يقف عندها كثير من المجاهرين بالمعصية لحظات أمام النفس والقانون الإلهي. ولعل ما قاله شيخ أوقاف مصري يعطي السياق الصحيح: إذ شدّد الشيخ أشرف عبدالجواد على أن التوبة الصادقة هي التي "يقلع فيها العبد عن الذنب ويندم على فعله ويعزم على عدم العودة إليه". وقد استشهد أيضاً بالآية القرآنية التي تحض المؤمنين على توبتهم بصدق: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا". ويُروى في هذا السياق حديث نبوي مفاده أن الله أشد فرحاً بتوبة عبده من فرح صاحب ضالة وجدها بعد ضياعها، مما يؤكد مدى رحمة الله بالمذنب الذي يعود إلى رشده.
ولكن على الجانب الآخر، نبه الشيخ عبدالجواد إلى أن قبول التوبة مرهون بالنية الصادقة: كما قال "إنما الأعمال بالنيات... لو إعلانها التوبة من القلب ربنا هيتقبلها، ولكن لو بهدف الشهرة جمع المال والمشاهدات فحسابها عسير". ولهذا يُشدد الفقهاء على أهمية مراقبة النوايا الخفية، ويرون أن تكرار تحول سما المصري المفاجئ واستغلاله إعلامياً قد ينطوي على شبهة المصلحة الشخصية. في المقابل، يؤكد آخرون أن الفرار من ذنب والتوقف عنه يُعد ظاهرة إيجابية يستحب دعمها، مهما كان مصدر الإلهام؛ فالقاعدة الفقهية تقول إن الإرادة بالعودة إلى الله مقبولة حتى لو كانت ببطء أو تفاوت.
من الناحية الاجتماعية، يطرح هذا الحدث تساؤلات حول كيفية استقبال المجتمع لمثل هذه التغييرات الجذرية لشخصية عامة مثيرة للجدل. يذهب البعض إلى اعتبار الأمر دليلاً على ضعف شخصي أو تصنع، بينما يعتبره آخرون مسألة خصوصية تهم صاحبة الشأن فقط. وبغض النظر عن الموقف من صدقية خطوة سما المصري، يتفق معظم المراقبين على أن مثل هذه التصريحات تضيف للجدل حول حرية التعبير وحدودها، وتؤكد نقاشاتنا حول علاقة الفن بالدين والأخلاق في مصر والعالم العربي.
وفي الختام، يظل موقف سما المصري محور جدل مستمر في الإعلام ومواقع التواصل. وبينما يتابع المتابعون حساباتها بحذر للوقوف على مدى استمراريتها في الحجاب أو عكس اتجاهها مجدداً، يبقى الأمر بين الأمل بتغير إيجابي وتشكيك في النيات. ونخلص إلى أنه مهما كانت الدوافع والانتقادات المحيطة بهذا الموضوع، فإن ما يهم دينياً وأخلاقياً هو ما إذا كانت توبتها خالصةً لوجه الله فعلاً، فهو وحده الحكَم فيها.
0 تعليقات