في صباح يوم الثلاثاء 23 يوليوز 2025، شهد حي فرح السلام بمدينة الدار البيضاء حالة من الفوضى والقلق الشديدين بعد وقوع هجوم مباغت من طرف مجموعة من المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء على عدد من السكان المحليين. هذا الحدث أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الشعبية والحقوقية، وسط تساؤلات عن أسباب هذا التصعيد المفاجئ، ودور الأجهزة الأمنية في احتواء الوضع.
تفاصيل الهجوم: لحظات من الذعر والخوف
وفقًا لشهادات حية من سكان الحي، بدأ الهجوم حوالي الساعة العاشرة صباحاً، حيث شوهدت مجموعة مكونة من ما يقارب 30 مهاجرًا إفريقيًا تتقدم نحو أحد الأزقة المكتظة بالسكان، وهم في حالة هيجان وغضب شديدين. بعضهم كان يحمل أدوات حادة مثل العصي والحجارة، مما أثار الرعب في نفوس الأهالي، خاصة النساء والأطفال.
تقول السيدة "فاطمة.ل"، وهي من قاطني الحي:
"كنا جالسين أمام باب الدار نشرب الشاي، وفجأة سمعنا صراخاً وضجة غير عادية. لما خرجنا، شفنا مجموعة من الأفارقة كيجروا ويهجموا على الناس.. كانت لحظات مرعبة."
تدخل أمني عاجل للسيطرة على الوضع
ما إن بلغ الخبر إلى السلطات حتى تدخلت عناصر الشرطة بسرعة كبيرة، وتم إرسال فرقة أمنية مدعومة من القوات المساعدة إلى مكان الحادث. وقد تم إغلاق المداخل الرئيسية لحي فرح السلام وتطويقه جزئيًا من أجل منع توسع نطاق المواجهات وضمان سلامة المواطنين.
أكد مصدر أمني أن التدخل تم في ظرف قياسي لم يتجاوز 20 دقيقة من بداية الهجوم، وقد تم توقيف عدد من المشتبه فيهم من بين المجموعة المعتدية، بينما تم نقل المصابين إلى المستشفى الإقليمي ابن رشد لتلقي العلاجات الضرورية.
خلفيات محتملة للهجوم: نزاع أم انتقام؟
لم تُعرف بعد الأسباب الدقيقة وراء هذا الهجوم، غير أن عدة مصادر محلية تحدثت عن نشوب نزاع سابق بين بعض السكان وبعض المهاجرين بسبب خلافات على مساكن مهجورة أو أعمال بسيطة كغسل السيارات وبيع الخردة. وتُشير المعلومات الأولية إلى أن الأمر ربما كان رد فعل انتقامي من أحد الأطراف.
كما تُرجح مصادر أخرى أن ما وقع قد يكون جزءًا من توتر مستمر بين المهاجرين والسكان المحليين بسبب ظروف التعايش الصعبة وضغط البطالة والفقر.
ردود فعل المجتمع المدني والحقوقي
من جانبها، عبّرت عدة جمعيات مدنية عن استيائها العميق من تصاعد مثل هذه الأحداث التي تُهدد السلم الاجتماعي وتُعقد الوضع أكثر. وطالبت بضرورة إعادة النظر في سياسة إدماج المهاجرين وتوفير ظروف إنسانية ومعيشية لائقة لهم حتى لا يُدفعوا إلى حافة العنف والانفلات.
كما دعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى فتح تحقيق شفاف ومستقل حول ملابسات الحادث، مشددة على ضرورة ضمان العدالة لجميع الأطراف دون تمييز.
السكان يطالبون بمزيد من الحماية
لم يخفِ سكان حي فرح السلام قلقهم الكبير من تكرار مثل هذه الاعتداءات، حيث طالبوا السلطات المحلية بضرورة تعزيز التواجد الأمني بالحي بشكل دائم، إلى جانب تحسين الإنارة العمومية ومراقبة الأحياء المهجورة التي أصبحت ملاذًا للبعض من المهاجرين غير النظاميين.
يقول السيد "عبد الرزاق.ك":
"لا نريد خلق عداوة مع أي طرف، لكننا نريد الأمان لأطفالنا. الدولة مسؤولة عن حماية المواطنين من أي تهديد، سواء أتى من الداخل أو من الخارج."
دور الإعلام الرقمي في نقل الحدث
شهدت منصات التواصل الاجتماعي تفاعلاً واسعًا مع الحادث، حيث تم تداول مقاطع فيديو وصور مباشرة من عين المكان، ما ساهم في نقل صورة حية عن خطورة ما وقع. وتحوّلت الوسوم مثل #هجوم_فرح_السلام و**#الدار_البيضاء_في_خطر** إلى ترند مغربي في تويتر وفيسبوك لساعات.
غير أن بعض النشطاء حذروا من الوقوع في فخ التعميم والعنصرية، داعين إلى التحلي بالحكمة وعدم الانجرار وراء حملات الكراهية التي قد تساهم في تفجير الوضع أكثر.
الأبعاد الأمنية والاجتماعية للهجوم
الهجوم الذي شهدته فرح السلام لا يُمكن عزله عن سياق اجتماعي متوتر يعيشه المغرب، خصوصًا مع تزايد أعداد المهاجرين غير النظاميين وتنامي الضغط على الخدمات الاجتماعية والفرص الاقتصادية. ويُعيد هذا الحدث إلى الواجهة مسألة الهجرة غير النظامية والتعايش المجتمعي، وضرورة إيجاد حلول عادلة وشاملة تُراعي حقوق الجميع.
الموقف الرسمي: الصمت الحذر
حتى لحظة كتابة هذا التقرير، لم تُصدر وزارة الداخلية المغربية أي بيان رسمي حول الحادث، فيما اكتفت المديرية العامة للأمن الوطني بتأكيد فتح تحقيق قضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة، لتحديد ملابسات الحادث ودوافعه الحقيقية.
هل نحن أمام بداية توتر عرقي في المغرب؟
طرح مراقبون هذا التساؤل المحوري، مشيرين إلى أن تكرار مثل هذه الهجمات قد يُنذر بتحولات خطيرة إذا لم يتم تدارك الأمر بسرعة، خاصة في ظل غياب سياسات إدماج فعالة وضعف الحوار الثقافي والاجتماعي بين الأطراف المختلفة.
وينبه الخبراء إلى أهمية التركيز على التربية على التسامح، وخلق فضاءات حوار آمنة، بدلًا من سياسة التجاهل والتهميش.
خلاصة: لا بد من حلول قبل فوات الأوان
ما جرى في فرح السلام ينبّه الجميع إلى هشاشة الوضع الأمني والاجتماعي في بعض الأحياء الشعبية، ويُحتم على الدولة والمجتمع المدني التدخل العاجل لتفادي انفجار اجتماعي وشيك. فلا المهاجرون أعداء، ولا السكان المحليون متطرفون، بل إن الجانبين ضحايا لغياب العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
ويبقى السؤال المطروح:
هل تتحرك السلطات قبل أن تتكرر الكارثة؟
0 تعليقات